الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تلعب العوامل الجغرافية والاقتصادية والتاريخية والبيئية والأمنية، دورًا باتجاه تقوية الدافع نحو الاتحاد، فضلًا عن معالجة ضرورة التعبير عن الهوية الإقليمية. والفيدرالية هي مثال واضح عن هذه النزعة، فهي اتحاد اختياري بين ولايات أو دول أو أقوام غالبًا ما تتميز قوميًّا أو عِرْقيًّا أو ديانةً أو لغةً أو ثقافةً، حتى تتحول إلى شخصية قانونية واحدة أو نظام سياسي واحد مع احتفاظ أجزاء هذه الشخصية المتحدة بخصوصيتها وهويتها، وذلك مع وجود تفويض للكيان المركزي للاتحاد ببعض الصلاحيات المشتركة، مع الاحتفاظ ببعض الصلاحيات لهذه الأجزاء أو الولايات، بما يعني توافر الاستقلال الذاتي للولايات المكونة للاتحاد؛ ولهذا فإن أهم ما تتميز به الدول الفيدرالية أو الاتحادات الفيدرالية هو الاستقلال الذاتي لكل ولاية أو دولة مشتركة في الاتحاد. ويثير البحث في الدولة الفيدرالية، باعتبارها دولة اتحادية؛ مسألة كيفية توزيع الاختصاصات فيها بين المركز والأقاليم أو الولايات، وهو أمر يختلف من دستور إلى آخر كما سيتبين لنا من هذه الدراسة المقارنة، ولعل هذا التباين والاختلاف يعود إلى ان الدولة الفيدرالية يمكن أن تنشأ بإحدى طريقتين: • الطريقة الأولى: تفكك دولة بسيطة موحدة إلى عدة وحدات ذات كيانات دستورية مستقلة، ثم بناء على الدستور الفيدرالي يتم توحيد هذه الولايات ثانية على أساس آخر وهو الدولة الفيدرالية. ونشوء الدولة الفيدرالية بهذه الطريقة يؤدي عادة إلى تعزيز صلاحيات السلطة المركزية على حساب الولايات. • الطريقة الثانية وتتم من خلال انضمام عدة ولايات أو دول مستقلة تتنازل كل منها عن بعض سلطاتها الداخلية، وعن سيادتها الخارجية، لتكون الدولة الفيدرالية على أساس الدستور الفيدرالي. ونشوء الدولة الفيدرالية الجديدة بهذه الطريقة يتجه عادة نحو تعزيز اختصاصات الولايات على حساب السلطة المركزية. وللفيدرالية أسباب ومبررات عديدة، غايتها الأولى صنع التعددية والمشاركة الفاعلة الحقيقية في الحياة السياسية بصورة ديمقراطية وعادلة، بعيدًا عن التفرد بالحكم واحتكار السلطات بيد شخص أو مجموعة تنتهك القانون وتهدر الحقوق. ذلك لأن حكم الفرد يقود دائمًا إلى الأخطاء والمشاكل والظلم، بينما تؤدي المؤسسات في ظل حكم الجماعة دورها بصورة أفضل وأكثر عدالة في ظل القانون والرقابة الدستورية. |