الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص أن العصر الذى تكهن فيه ”داروين” بهذه الأفكار لم تكن قوانين الوراثة فيه معلومة بالمرة وقد فطن ”داروين” نفسه إلى هذه الحقيقة، ولو أنه اعتقد فى قرارة نفسه أن ظروف البيئة تؤثر فى الوراثة، ولا شك أن هذا النقص كان ثغرة من الثغرات التى وجه الطعن منها إلى نظرية ”أصل الأنواع”، الواقع أن هذه النظرية لم تكن عنده وليدة تأملات فلسفية حاول بعد ذلك أن يدعمها بالمشاهدات بل إن الأمر على العكس من ذلك تماما، فإن الظواهر التى لاحظها والعلاقات التى لمسها بين هذه الظواهر وأوجه الشبه التى صادفها هى التى قادته إلى هذه النظرية.وقد أطلق داروين كلمة طبيعى ليميز بين هذا الشكل من الانتخاب وبين غيره من الأشكال الأخرى، ولم يكن يقصد أن الانتخاب الطبيعى يعمل على أنواع معينة فقط من الكائنات الحية، فلفظ طبيعى يشير فقط إلى عكس الانتخاب الصناعى الذى يمارسه الإنسان فى الزراعة أو الاقتصاد الحيوانى.رأى داروين فى الدين دوراً داعماً للأخلاق، ويبدو أن الدين بالنسبة لداروين أمر حدث صدفة، وجاءت به السمات الحيوانية أو القوى التى أسىء توجيهها ببساطة. فعندما نرى شيئاً يتحرك فمن العادى أن نشعر بأنه حى. ونحن نرتكب أخطاء، وفى النهاية يؤدى ذلك إلى الدين. والشىء الوحيد الذى يمكن قوله فى صف الدين، هو أنه يقوى الأخلاقيات لدى الناس المتحضرين ومع الأجناس الأكثر تحضراً، فإن الإيمان الراسخ بوجود معبود قادر على رؤية كل شىء له تأثير قوى فعال على تقدم الأخلاقيات.ليس العلم بدعة مصطنعة وكأنه شىء خارق للطبيعة، كما يتخيل أولئك الذين يفخرون بالمقابلة بينه وبين المعرفة العامة، وقد لا يشعرون أنهم يتخيلون. فالعلم هو التجربة المشتركة واليومية التى تصبح مع تطورها الطبيعى أكثر دقة وأوثق صلة وأفضل أرشاداً وأعظم قدرة من التجربة المشتركة على تجاوز حدود الإدراك الفعلى فيما يثبته ويقرره. |