الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص جاء في كثير من الدراسات التي تناولت العدوانية والعنف كقضيه تشهدها المجتمعات النامية بمختلف ثقافاتها، أن كلا المفهومين يدلان على النشاط التخريبي الذي تختفي وراءه العديد من الأسباب التي جعلته يتجه لأكثر من اتجاه. إن العدوانية لا ترتبط بفترة زمنيه معينه ولا بحادثه معينه كالحرب مثلاً، بل توجد في الحياة الاجتماعية اليومية، وبأي حال فإن ممارسة العدوانية فعل غير متزن وغير معقول مهما اختلف أشكاله، لأن الذى يمارسه يرفض الظروف والوسائل المتاحة والمختلفة، ويرفض التسوية مع الآخرين ولا يراعيهم ويميل إلى توكيد ذاته بلا حدود وخارجاً عن جميع المستويات سواء الذاتية أو الاجتماعية. وعلى الرغم من تعدد النظريات والمفاهيم التي تناولت مفهوم العدوانية فإنها تأخذ صوره ظاهرة إنسانية معقده ومتكاملة بأبعادها الإنسانية والمجتمعية فالنظريات المتعددة والأبحاث المتنوعة تشكل في نهاية الأمر محاولات نوعيه للكشف عن جانب أو أكثر من جوانب الظاهرة العدوانية في الجنس البشرى، لأن العدوانية تأخذ في النهاية صيغه واحده تتمثل في منظومات من الأفعال الإنسانية التي تدمر الإنسان وتفتك بمقومات وجوده وعلى هذا يمكننا القول أن العدوانية ظاهرة اجتماعية نفسية سياسيه قانونيه وأنها ظاهرة إنسانية يتكامل فيها الاجتماعي بالنفسي والسياسي بالديني بالثقافي وبالتالي فإنه لا يمكن للباحث أن يدرك هذه الظاهرة إدراكاً متكاملاً وعلمياً إلا من خلال الغوص في أعماق التكامل بين العناصر المجتمعية والسيكولوجية والنفسية لهذه الظاهرة المعقدة، وفى كل ميدان من الميادين نجد أبحاثاً ودراسات ونظريات متكاملة حول طبيعة العدوانية الإنسانية، فالعلوم الاجتماعية تبحث في الظروف والعوامل الاجتماعية للعدوانية، وعلى هذا المنوال تبحث العلوم النفسية في أصل العدوانية وعواملها النفسية، وذلك هو الحال في مجال الانثروبولوجيا التي تبحث عن مظاهر العدوانية وتجلياته في المجتمعات الإنسانية البدائية. |