الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تعد قضية التشبيه والتنزيه من القضايا الهامة في تاريخ الفكر الإسلامي ذلك لتعدد وتشعب موضوعاتها وما تتصل به من مسائل ذات أهمية كبيرة في مجال العقيدة الإسلامية. فقد اتفق كلاً من المتكلمين وفلاسفة الإسلام على وجود الله ووحدانيته واتصافه بصفات الكمال وتنزيهه عن النقائص والمحالات حيث أن كل آية في كتاب الله عز وجل تعد دليلاً على ذلك، لكنهم اختلفوا في حقيقته التنزيه وحقيقته النقائص التي يجب نفيها عن الله عز وجل ذلك بسبب اختلاف نظرتهم إلى الذات الإلهية وما يجب أن تتصف به من صفات وما يجب نفيه عن الله عز وجل من النقائص والمحالات ويرجع ذلك الخلاف في المقام الأول إلى خلاف وجهات النظر حول مدلول النص الشرعي ما بين آخذ بظاهر النص خوفاُ من أن يقول في القرآن ماليس فيه وبين صارف للنص عن ظاهرة خوفاً من الوقوع في تشبيه وتجسيم مما أدى إلى وجود مشكلات عقائدية لم يعرفها الجيل الأول من المسلمين ذلك مثل الخلاف حول آيات الصفات فربما اقتضى تحقيق الألوهية إضافة وصف إلى الله عز وجل يعتبره مذهب آخر تشبيها يجب تنزيه الله تعالى عنه ذلك يرجع إلى الاختلاف حول المحكم والمتشابه خاصة في آيات الصفات مما أوقع الفرق والمذاهب بين قطبي رحي إما تشبيه أو تنزيه. إلا أن هذا الخلاف لم يكن ذات نبته إسلامية خالصة فهناك عدة أسباب وعوامل تضافرت معاً وأوجدته على تلك الصورة التي ن ا ره عليها في تاريخ الفكر الإسلامي، فهناك تيا ا رت ثقافية متباينة ساعدت بالنصيب الأكبر في نشوب ذلك الخلاف، حيث التقى الإسلام بديانات الأمم المفتوحة فتعرف على ديانات الفكر الشرقي القديم وما تحمله من أفكار غنوصية مليئة بنزعات التشبيه والتجسيم والديانات السماوية السابقة على الإسلام كاليهودية والمسيحية فنصوص التوراة مليئة بالعبارات التجسيمية والتشبيهية، بالإضافة إلى حركة النقل والترجمة التي نقلت الفلسفة اليونانية إلى عقول المسلمين، حيث كانت النظرة التشبيهية سمة من سمات الفلسفة اليونانية، وقد اجتمعت هذه الروافد بالإضافة إلى الخلاف حول مدلول النص الشرعي والآيات المحكمات والمتشابهات فظهرت طوائف التشبيه والتجسيم، حيث قرأوا القرآن قراءة حسية مادية ووصفوا الله بصفات البشر وحملوا الأحاديث على مقتضى الحس وقاسوا الخالق على المخلوق، وأطلقوا على الله أنه جسم فأقتضي بهم ذلك إلى الوقوع في التشبيه والتجسيم ذلك بسبب الغاؤهم التام للعقل والتمسك بظاهر النص دون فطنه. |