الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص مع تقدم صفحات الدراسة، كانت المشروعية تتجسد وجوداً كيانياً مؤسسياً بذاته وبنيته الهيكلية، كما في وظائفه واختصاصاته، ثم دوراً قضائياً مختصاً، في نطاق ولايته والمخاطبين بأحكامه كجزء لا يتجزأ من سلطة القضاء القائمة بالنص الدستوري، كما كانت تترجم ذاتها في حماية مبادئ الدستور، وتطبيق احكامه ومبادئه، من خلال تطبيق التشريعات المقيدة بتلك المبادئ والاحكام، والالتزام بإنفاذها الحرفي طبقاً للمشروعية الموضوعية والاجرائية الناظمة لها، تحت طائلة البطلان وانعدام المشروعية. وفي مقدمة تلك المبادئ والاحكام، ما تم استخلاصه بيسر، لوضوحه وحضوره الفعال، في تكوين القضاء العسكري وقضائه، وفي بنيته واحكامه، بما يمثله من ضمانة قضائية، وان كان خاصاً او استثنائياً، ادارياً، او جنائياً، في نطاق ولايته المقتطعة دستورياً، من ولاية القضاء النظامي العام، في مجال التجريم والعقاب، هي مبادئ شرعية الجرائم والعقوبات، وافتراض حق البراءة، وحق الدفاع الى المحاكمة المنصفة. ان مشروعية القضاء العسكري الفلسطيني، وان وجدت جذورها التاريخية ممتدة في مراحل ما قبل اقامة السلطة الفلسطينية، واقرار الدستور الانتقالي، فإنها تعبر عن ذاتها، بإنفاذ ضمانات المشروعية الدستورية والتقيد بأحكامها، ومبادئها الناظمة لهذا القضاء، الذي قدم الضمان القضائي في مختلف مراحل الدعوى العسكرية، بما يحفظ الحقوق والحريات، ويقيم التوازن بينها وبين المصلحة العسكرية المقصودة بالحماية، كمصلحة عامة للمجتمع، وتحديداً المجتمع العسكري، وطبيعة النظام في المؤسسة العسكرية. وقد بدت تلك الضمانات الدستورية جلية، في تطبيقات القواعد القانونية الموضوعية والاجرائية، وفي اطار مقارن مع التشريعات العسكرية المصرية، بما كشف عن اوجه التطابق والاتفاق، او تلك التباينات المحدودة، فيما بين القضاءين، والتي تصب بصالح احدهم حماية للمشروعية والدستور. غير ان ذلك لا يعني بالضرورة اكتمال النص وكماله في التشريعات والنظم او اللوائح القانونية للقضاء العسكري الفلسطيني، رغم مشروعيتها الدستورية القانونية. بل ان هناك ما تم استنتاجه، من نقصٍ، وعوارٍ، او ضعف في المواءمة. وما يملي ضرورة ملحة ويؤكد احتياجاً شديداً لتصويب منظومة العقوبات والاجراءات المتبعة في مشروعية هذا القضاء وفي مقدمتها مسألة تطوير وتحديث قوانين الاحكام العسكرية السارية بفلسطين وخاصة بتنقيتها من تلك التي تعود الى مرحلة الشرعية الثورية التي جعلت من القانون العسكري قضاءً عاماً وإعادة صياغة تلك التشريعات وتحديثها بما يجعل النصوص الجديدة متلائمة مع المشروعية الدستورية للقضاء العسكري، كقضاء خاص بالشأن العسكري والجريمة العسكرية. |