الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تبيَّن من خلال هذه الدراسة أنَّ التحدِّيَ الأكبر، الذي يُواجه القانونَ الدوليَّ الإنسانيَّ هو في احترام القواعد القانونيَّة الواردة في الاتِّفاقيات المنظِّمة لهذا القانون، وأنه في سبيل كفالة احترام قواعد هذا القانون وضمان إنفاذ أحكامه من قبل الدول والمنظَّمات يستلزم توافرَ آلياتٍ وقائيَّةٍ ورقابيَّةٍ وعقابيَّةٍ فاعلة، وتبيَّن للباحثة أنَّ اتِّفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 م والبرتوكولين الإضافيين قد نصت على مجموعةٍ من الآليات التي تَمَثَّلَتْ في إلزام الدول باحترام وكفالة احترام قواعد القانون الدوليِّ الإنسانيِّ، والتي ألزمتها بنشر أحكامه، وتشكيلها الجمعيات الوطنيَّة، وتوفير مستشارين عسكريين لجيوشها؛ وذلك بهدف الوقاية من الانتهاكات قبل بدء النِّزاعات المسلَّحة، وكذلك فقد نصت الاتِّفاقيات على مجموعةٍ من الآليات لتكونَ بمثابة المراقب على تطبيق القانون الدوليِّ الإنسانيِّ، مثل: الدولة الحامية، واللجنة الدوليَّة للصليب الأحمر، وكذلك فقد أوجبت الاتِّفاقيات على الدول بأنْ تقومَ بتضمين أحكام القانون الدوليِّ الإنسانيِّ بقوانينها الوطنيَّة وتجريم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدوليِّ الإنسانيِّ ومواءمة تشريعاتها مع القواعد القانونيَّة الدوليَّة ذات الشأن الإنسانيِّ، وملاحقة مرتكبيها أمام كلٍّ من القضاء الجنائيِّ الدوليِّ والوطنيِّ وفقًا لمبدأ الاختصاص العالمي للقاضي الوطنيِّ في جرائم القانون الدوليِّ الإنسانيِّ. ولا شكَّ في أنَّ إنشاء المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة أحدث نقلةً نوعيَّةً في آليات تطبيق القانون الدوليِّ الإنسانيِّ التي تعدُّ رادعًا لكلِّ مَن تُسَوِّلُ له نفسه بارتكاب إحدى الجرائم الدوليَّة والجرائم الجسيمة حال ما تمَّ التعامل مع المحكمة بالشكل الصحيح دون خضوعها للضغوط والاعتبارات السياسيَّة. |