الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص للخطاب القرآني جمالياته الفنية التي تؤثر في العقل والعاطفة معًا، فهو يخاطب العقل في أرقى عملياته الفكرية، ويخترق كوامن الوجدان فيرققه حتى يصبح حيًا صافيًا متألقًا. والجمال ملمح أساسي في الخطاب القرآني يتضافر في تحقيقه اللفظ بجماله الصوتي ,وانسجام حروفه, وتناسق جمله في تراكيبها ونغماتها، وانسجام الفاصلة, وإيقاعها المتلائم مع النسق اللفظي والسياق العام. وألفاظ القرآن وأصواته تجري على نسق بديع حارَ العربُ في أمره إذ عرضوا هذه الألفاظ على موازين الشعر فوجدوها غير خاضعة لأحكام تلك الموازين، وقارنوه بفنون النثر فوجدوه غير لاحق بالمعهود من طرائقه, فكان أن انتهى الكافرون منهم إلى أنه السحر، واستيقن المنصفون منهم أنه تنزيل من رب العالمين. إن الصوت القرآني يظل جاريًا على نسق واحد في السمو من جمال أداء اللفظ، وعمق المعنى، ودقة الصياغة، وروعة التعبير، رغم تنقله بين موضوعات مختلفة من تشريع وقصص وأخبار غيبية ومواعظ، مع العلم أنه خاطب كل الناس على اختلاف مداركهم وثقافتهم وعلى تباعد أزمنتهم وتطور علومهم، وكذلك المفردة في السياق القرآني وما تتميز به من جمال وقعها في السمع, واتساقها الكامل مع المعنى, واتساع دلالتها. ولو أدرت لغة العرب كلها لإيجاد كلمة تنوب عن كلمة في كتاب الله لم تجد، ولو بحثت في العربية لإحلال صوت مكان آخر لاختلَّ نظم كتاب الله، واعتل مذاقه في آذان سامعيه، وهذا يؤكد مدى التناسق الفني الكامل للقرآن في حروفه وكلماته وآياته وسوره، والتي أظهرت لنا هذا البيان الرائع، وهذه البلاغة المتميزة. |