الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن التنمية المجتمعية هي جماع التنمية، فهي تشمل مختلف أنواع التنمية بشتى مجالاتها، حيث إنها تركِّز اهتمامها على تنمية المجتمع ككل متكامل ومتجانس، وتعمل على تحقيق التوازن بين جميع جوانبه؛ للوصول إلى الحياة الكريمة التي يسعى إليها الإنسان، وتحقيق الغاية من الوجود الإنساني بعبادة الله وعمارة الأرض. ومحاولة تحقيق تلك التنمية بصورتها المعروفة والمتداولة في الخطاب العالمي المعاصر من تنمية الجوانب البشرية، والاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، والسياسية، والعسكرية، وغيرها، مما يستحيل تقريبًا، ويستغرق أزمنة مديدة وقرون عديدة؛ ما دامت هذه التنمية غير قائمة على أصول عقائد متينة ودعائم فكرية قويمة. إن التركيز في خطط تنمية المجتمع على الأصول والمنطلقات والخلفيات الثقافية والفكرية قد يوفر على القائمين على رسم خطط التنمية الكثير من الوقت والجهد والمال، بالإضافة إلى منح تلك الخطط التنموية صفة الأصالة والرسوخ والثبات في جذور المجتمع وفي ثقافة أفراده وضمائرهم. كما إن تحديد الأصول والمنطلقات يجعل تلك الخطط واضحة ومفهومة لجميع أفراد المجتمع، كما إنه يجعل من كل فردٍ فيهم رقيبًا على مجتمعه، حريصًا على نهضته؛ نظرًا لكون خطط التنمية متوافقة مع توجهاته الشخصية، وقناعاته الذاتية، مما يمنحهم مزيدًا من الثقة الذاتية والإبداع من أجل مزيد من التقدم والرقي، ما يؤهلهم للارتقاء بهم إلى المستوى الذي يمكنهم من تحمل مسؤولية التنمية والقيام بأعبائها والحرص على تحقيقها. والخطة المقترحة لتحقيق تنمية مجتمعية شاملة معتمدة في ذلك على وضع الأصول والقواعد والركائز الأساسية التي تقوم عليها تلكم التنمية المجتمعية المبتغاة وفق المنهج القرآني والهدي الرباني. وجاءت هذه الدراسة لتستخرج من القرآن الكريم أصالةً، والسنة النبوية تبعًا ملامح نهضة مجتمعية قائمة على دعائم ربانية وأصول إسلامية خالصة، فتعرض أولًا للمرتكزات والدعائم التي تقوم عليها هذه الرؤية التنموية القرآنية ومدى قابليتها للنهوض بخطة تنموية شاملة صالحة للنهوض بالأمة الإسلامية والمجتمع الإنساني قاطبةً. ثم تبدأ بعد ذلك في عرض مجالات التنمية التي ستستوعبها هذه الرؤية التنموية، والتي تمثل أرضية صلبة ستنبني عليها وستتحقق من خلالها التنمية المجتمعية الشاملة. وهي على التوالي: التنمية العقائدية، ثم التنمية الأخلاقية والقيَمية، ثم التنمية الفكرية والثقافية. ولا تدَّعي الدراسةُ استيعابها لجميع جوانب التنمية المجتمعية، إلا إنها تتصور أن تلك المجالات الثلاثة ستشكل نهضة حضارية وتنمية مجتمعية شاملة، دون مزيد جهد في سائر جوانب التنمية الأخرى؛ فهي تنبني عليها: كالتنمية الاجتماعية أو الاقتصادية أو البيئية أو السياسية أو العسكرية. |