الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الحمد لله الذي تنزَّه في كماله عن الأشباه والنظائر، وتقدَّس في جلاله عن أنْ تُدْرِكَهُ الأبصار، أو تُحيط به الأفكارُ، أو تَعْزُبَ عنه الضَّمائر، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدنا محمدٍ الذي هدى اللهُ به كلَّ حائر، وأحيا به معالمَ الإسلامِ والشَّعائر، وشفَّعه في الصَّغائر والكبائر، وعلى آلِه وأصحابِه ذوي الفضلِ السَّائر، صلاةً وسلامًا دائمَيْنِ مُتلازمَيْنِ أعدَّهما يومَ القيامة من أعظم الذخائر. وبعد: تعدُّ مهنة الطبِّ من المهن الإنسانيَّة، التي يتعيَّن فيها على الطَّبيب احترامُ سلامة جسم الإنسان؛ لِمَا له من حرمة، والمُحافظة على أرواح الناس في أثناء مُمارسة واجباته؛ وذلك لأنَّ هذه المهنة تفرض عليه واجبًا قانونيًّا وأخلاقيًّا، يتمثَّل في بذل جهودٍ صادقةٍ في علاج مرضاه، خاصَّةً بعد أنْ شهد الطبُّ في السنوات الأخيرة من القرن المُنصرم تطوُّرًا ملحوظًا على مُستوى التِّكنولوجيا الطبيَّة المُتطوِّرة في اكتشاف الأمراض وعلاجها، إذ أصبحت مُعالجة معظم الأمراض التي تصيبُ جسم الإنسان في مُتناول علماء الطبِّ الحديث، ولم يقفْ الطبُّ عند علاج الأمراض فقط، وإنما امتدَّ ليشمل الفحصَ والتَّشخيص والمُتابعة، وكذلك إلى تحقيق رغبات الإنسان، حتى وإن لم يكنْ مريضًا كالجراحة التَّجميليَّة وغير ذلك من الحالات. وإذا كان مُقدَّرًا للمسؤوليَّة المدنيَّة أنْ تكونَ مرآةً صادقةً تعكسُ تفاعلاتِ المُجتمع وما يعتريه من تطوُّرات ومُتغيِّرات فإنه يتعيَّن القول: إنَّ ثبات هذه المسؤوليَّة بقواعدها العتيدة ذات الصِّبغة الشَّخصيَّة القائمة على فكرة الخطأ لا يعني سوى فَصْلِها عن واقع الحياة. ومن الجدير بالذِّكر، أنَّ المُشرِّع العراقيَّ لم يتعرَّضْ للمسؤوليَّة الطبيَّة، بل تركها للقواعد العامَّة في المسؤوليَّة المدنيَّة، حيث إنَّ المريض الذي تعرَّض للإصابة قد يصعبُ عليه إثباتُ الخطأ الطبيِّ، ممَّا يؤدِّي بالأخير إلى أنْ يخسرَ الدَّعوى. |