الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن دراسة واقع المجتمع المدنى في أي دولة وفي الهند بصفة خاصة باعتبارها من الدول ذات تجربة ديمقراطية هائلة بما له من أولويات مؤسساته وتحليل الإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يحكم عمل هذه المؤسسات ورصد علاقتها بالنظام السياسي كل ذلك لابد من أن يساهم في تحديد مقومات انطلاق العمل المدنى في الهند وذلك بالعمل على ترسيخ وتطوير ثقافة الديمقراطية وتنمية الحوار والتعاون في المجتمع المدنى فضلا عن البحث عن أنشطة وفعاليات جديدة تستطيع مؤسسات المجتمع المدنى من خلالها أن يتسع نفوذها وتكون مؤثرة سياسيا بالتالي فإن المطلوب من مؤسسات المجتمع المدنى العمل على تطوير آليات الحركة والاتجاه نحو تخليق صيغة جديدة توفر المشاركة في صنع السياسات العامة في الدولة عامة والتحول الديمقراطي على وجه الخصوص فضلا عن القدرة على النقد الذاتي ليتجاوز كل المعوقات التي تحد من انطلاق المجتمع المدنى وهناك حاجة لتفعيل الوسائل الإعلامية والقضائية وإقامة علاقة دائمة مع الأجهزة الحكومية ليس فقط في القضايا الفئوية أو القضايا المصيرية التى تعتني بهموم فئة معينة وإنما أيضا في المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالمجتمع إذ من الملاحظ أن دور المجتمع المدنى يواجه تحديا كبيرا وخصوصا أن الإطار الاقتصادي والاجتماعي الذي نشأت في ظله مؤسساته في الوقت السابق الذي يختلف عن الواقع الراهن وإذا كانت هناك مطالب متعلقة بالإصلاح فإن الإصلاح لن يحدث وحده دون أن يكون للمجتمع المدنى دور في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وبخاصة في ظل المشاكل السياسية الاقتصادية والاجتماعية.الدستور الهندي يحذر من التمييز بين أفراد المجتمع على أساس الدين أو الطبقة الإجتماعية أو الجنس أو محل الميلاد . وراح يؤكد على حقوق المواطنة في الفرص المتساوية فيما بين التوظيف أو التعيين في الوظائف الحكومية وضمان حرية الكلام والخطابة والاجتماع ونشر حدود القانون وبما لا يشكل خطرا على الأمن العام كما كفل الدستور تساوي الاجور ورفع مستوى التغذية والمستوى الصحي للافراد والاعانات الاجتماعية في حالات المرض والعجز والشيخوخة.وقد حرَّم الدستور الهندي الرق والسخرة ومنع الاطفال من الاعمال التي تعرض حياتهم للخطر والغاء نظام المنبوذين من أجل القضاء على الفوارق الاجتماعية التي سادت المجتمع الهندي في عصر الاستعمار والتي كان هدفها زرع الخلافات الطائفية بين أفراد المجتمع الهندي.ولقد نص الدستور الهندي على منح رئيس الجمهورية سلطات واسعة في حالة تهديد أمن الدولة وسلامتها ولكن في اطار الصالح العام للمجتمع الهندي كما نص على أن الوزارة هي السلطة التنفيذية التي تعمل على تنفيذ التشريعات ومساندة رئيس الجمهورية في تقديم المشورة في إدارة الدولة.على الجانب الآخر فان وجود هيئة قضائية مستقلة كان خير ضمان للديمقراطية في الهند للضبط الاجتماعي وحماية حقوق الناس وحرياتهم وحماية الدستور، كما أن المحكمة العليا حارس أمين على الحقوق الاساسية التي كفلها الدستور.ومن جهة أخرى فقد كان الهدف الاساسي من المجالس التشريعية في الهند هو سن القوانين والتشريعات التي تعمل في نهاية الأمر على تحقيق الصالح العام وتقدم ورفاهية المجتمع الهندي دون النظر إلى العقيدة أو العرف أو اللغة أو الطبقة الإجتماعية.وفى نهاية القول رغم البيئة الديمقراطية المحفزة التى يعمل في إطارها المجتمع المدنى في الهند ، فإن غالبية تنظيماته لا تزال تتسم بالتشرذم والتفتت وتناقضات المصالح مما أفقدها كثيرا من فعاليتها واستقلاليتها في مواجهة الدولة ، وإذا كان هذه يجد تفسيره في خصوصية نشأة هذه التنظيمات كأجنحة لحزب المؤتمر والأحزاب السياسية الأخرى أبان فترة الكفاح الوطنى من أجل الاستقلال – مما جعلها تقنع إلى حد كبير بدور التابع للأحزاب المرتبطة بها دون أن تبذل جهودا كافية لتطوير بنيانها المؤسسي ودعم قدراتها الاستقلالية في مواجهة الدولة إلا أن ما تشهده الهند منذ أوائل التسعينات من إصلاح اقتصادي وتزايد حجم الطبقة المتوسطة – الهندية ، وتراجع معدلات الأمية فضلا عن بروز نمط الحكومة الائتلافية إنما كلها عوامل سوف تدفع – إذا ما تم توظيفها جيدا من جانب منظمات المجتمع المدني بالهند – نحو تحقيق المزيد من الاستقلالية والفاعلية لها في المستقبل بحيث تنتقل هذه التنظيمات من مجرد أدوات للتأثير في السياسة العامة إلى أطراف فاعلة في وضع هذه السياسة. |