الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص مع تطور البشرية تطورت أنظمة الحكم وأساسها القانوني، مما كان له أثر مباشر في تطور النظرة إلى مدلول الحماية الجنائية المقررة لنظام الحكم. ففي بداية الأمر كان ينظر إلي الأفعال الماسة بنظام الحكم على أنها من أكثر الجرائم خطورة ووحشية، لأنها تمس الحكام بوصفهم ألهه، مما كان له الأثر المباشر في تشديد العقوبات على الجناة، وأخذ التوسع في التجريم والتشديد في العقوبة ردحاً كبيراً من الزمان, حتى اندثرت النظريات التيوقراطية كأساس لتولى السلطة والحكم, وسادت النظريات الديمقراطية, مما كان له الأثر الواضح في التجريم والعقاب للجرائم الماسة بنظام الحكم . ويتشابه مصطلح نظام الحكم مع غيره، فأحياناً يتم الخلط بين نظام الحكم والحكومة، وأحياناً أخرى يتم الخلط بين نظام الحكم والنظام السياسي، مما كان له الأثر المباشر في التوسع في الجرائم الماسة بنظام الحكم وتشديد العقوبات، وعدم إقامة توازن حقيقي بين حق الأفراد في ممارسة الحقوق والحريات التي كفلها لهم الدستور من جهة، ومتطلبات منع أو الحد من الجريمة الماسة بنظام الحكم من جهة أخرى. وعلى الرغم من أتفاق التشريعات الجنائية المختلفة على أهمية حماية أنظمة الحكم القائمة، فإنها لم تضع معياراً لتحديد الجرائم الماسة بنظام الحكم بوضوح، فيتم الخلط بين الجرائم الماسة بنظام الحكم مع غيرها من الجرائم كالجريمة السياسية والجريمة الإرهابية، وتارة أخري يتم الخلط بين الجرائم الماسة بنظام الحكم وبين الجرائم الواقعة على أمن الدولة من جهة الداخل. وبناء على ما سبق ثار التساؤل حول حق الأفراد في المعارضة ومقاومة الأنظمة الديكتاتورية التي خرجت على أحكام الدستور والقانون، ضاربين بمبدأ المشروعية عرض الحائط. فاختلفت الآراء، فهناك من أباحه بدون قيد أو شرط وجعل منه واجب ديني أو حق مقدس، وهناك من أباحه بقيود، وهناك من صمت عن الاتجاه لتأييد أو رفض الحق في المعارضة. وفي المصلحة محل الحماية الجنائية أضفي الشارع حمايته لدستور الدولة، نظراً لأهميته المزدوجة على الصعيدين السياسي والقانوني لنظام الحكم القائم، فدستور الدولة هو أساس شرعية النظام القائم، وهو من يحدد ضوابط اعتلاء السلطة وفقدها، وهو من يحدد العلاقة بين النظام والأفراد, مبيناً اختصاصات وواجبات نظام الحكم القائم في الدولة, وموضحاً المؤسسات التي يقوم عليها, وعلاقتها ببعضها البعض وعلاقتها بالأفراد. |