الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص شهدت الفترة التي تلت الحرب الباردة تطورات فيما يتعلق بالحدود السياسية بين الدول من جهة, وبين الدولة والمجتمع المدني, بل وتطرق التطور ليشمل حقولا وظيفية مثل السياسة والاقتصاد والمجتمع . وقد أدى التحول إلى فتح مجالات سياسية في العلاقات الدولية لتضم في جنباتها العديد من الفرص والأخطار, ومن هذه التحولات التوسع في مفهوم الأخطار الأمنية والتي تشمل العديد من المشاكل مثل النمو السكاني,والتدهورالبيئي,ونقص الطاقة, وتهريب المخدرات, والجريمة المنظمة عبر الحدود, وتدمير ثقافات الشعوب الأصلية. ( 104 : 259 – 260 ) ولقد احتل مفهوم الأمن, مكانا بارزا في الدراسات النفسية والتربوية لارتباطه الوثيق بالصحة النفسية والسلامة من الاضطرابات فهو دليل على حاله السواء, والرضا عن الحياة والاستمتاع بها . وتكاد تجمع الدراسات النفسية في مجال الدوافع النفسية على أن دافع الأمن يقع في المرتبة التالية للدوافع والحاجات الأساسية وهي دوافع حفظ الحياة, كالأكل والشرب والتنفس . وقد عبر عن ذلك (ماكد وجال) ومن بعده (ما سلو) في تنظيمه الهرمي للدوافع حيث تأتي الدوافع الأولية والحاجات الأساسية في قاعدة الهرم فإذا تم إشباعها تطلع الإنسان إلى تحقيق الأمن والطمأنينة, فإذا فشل الإنسان في تحقيق دافع الأمن لم ينتقل إلى المستوى التالي من الدوافع حيث تقدير الذات و من ثم تحقيقها . إن غياب إشباع دوافع الأمن يشل حركه الفرد نحو التقدم وتحقيق الكمال الإنساني النسبي. ( 1 : 2 ) ومن هنا يتضح لنا أهمية الأمن ودوره في حياه الأمم وتشييد الحضارات ,وإذا كان الأمن على تعدد أنواعه مطلبا رئيسيا لكل أمة فإن الأمن الفكري يعد أهم تلك الأنواع وأخطرها لأنه يرتبط ارتباطا وثيقا بصور الأمن الأخرى، وتحققه يؤمن تحققا تلقائيا لأنواع الأمن الأخرى ، فالإنسان أسير فكره ومعتقده، وما عمل الإنسان و سلوكه وتصرفاته في واقع الحياة إلا صدي لفكره وعقله. ( 58 : 93 ) ولا يمكن أن يتحقق الأمن في المجتمع, إلا بالاستفادة القصوى من وسائل التعليم، ومزاياه وتأثيره في وقاية المجتمع من السلوك المنحرف بشكل عام، ومن بذوره الفكرية بشكل خاص ، حيث إن مسئوليه مواجهه السلوك المنحرف لا تقع على أجهزه الأمن فقط، وإنما تتعدى مسئولياتها الى جميع المؤسسات، ومن أهمها المؤسسات التعليمية، وذلك من خلال اسهامها في إرساء القيم والأخلاق، والفكر الإسلامي الصحيح، وما يتضمنه من مواعظ تربوية، ومن تسامح واعتدال . (49 : 3 ) وسيبقي الأمن الفكري أحد أهم ركائز الأمن بمفهومه الشامل، لإرتكازه على السياسات التربوية، حيث يجسد الأمن الفكري مشروعا وطنيا ينعكس أثره على مجتمعنا، فإذا لم يتم تبني رؤية إستراتيجية لهذا المشروع لسبب أو لآخر فإن النتائج ستكون كبيرة، والفجيعة ستكون أكبر، لأن السلوك سيمضي حسب الهوى ووفقا للمؤثرات الخارجية والتعصبية والمذهبية. |