الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص ”يعدُّ العقد من أروع وأعظم ما ابتدعته الحضارة الإنسانية من أدوات. فقد استطاع الإنسان، عن طريق هذه الأداة القانونية المهمَّة، أن يهتديَ إلى أنظمةٍ متطورةٍ في تبادل السِّلع والمنافع وتوزيع الثروات وتنمية الموارد وإقامة العلاقات التجارية والاقتصادية والمالية على نطاق العالم بأسْرِه. وعلى قدر ما للعقد من الأهمية البالغة هذه، فقد استحوذ على تفكير المشتغلين بالقانون منذ عصور.ومن الثابت أن واحدة من أهم التوجهات العالمية الحالية للدول لدعم اقتصادها العصر الحالي يقوم على جذب الاستثمارات الأجنبية بغية انجاز عملية الإنماء الاقتصادي لها، طالما أن الاستثمارات الأجنبية تعد من أكبر مكونات الموارد المالية المتاحة للتنمية في البلدان، حيث تلجأ الدول عادة لأجل هذا الغرض إلى ابرام العقود مع أصحاب رؤوس الأموال من الأجانب بحسب ما تقتضيه خططها التنموية ومصلحتها العامة. ومن أهم الخصائص المميزة للسياسة الاقتصادية في الدول عمومًا، والدول النامية بشكل خاص هو تطلعها بشكل لافت للنظر إلى مساهمة رأس المال الأجنبي في تمويل تنميتها الاقتصادية سواء أكان ذلك في صورة استثمارات أجنبية عامة أو خاصة، ذلك أن هذه الدول تلجأ في أغلب الحالات إلى تجسيد صورة تلك المعاملات في شكل عقود تبرم مع أصحاب المشاريع الاستثمارية والمساهمين في تمويل التنمية الاقتصادية لهذه البلدان. كما تمثل التنمية الاقتصادية الهدف الأساسي لأي دولة، وخاصة الدول النامية، لذلك نجد أن معظم الدراسات الحديثة تتجه لاستبعاد الاعتماد كليًا على ميزانية الدولة، والمساعدات والمنح الخارجية والتي تؤدي لتراكم الديون، مما يعيق محاولات التقدم الاستراتيجي على المستوى الاقتصادي، وتعد هذه العقود بالنسبة للدول النامية ركيزة أساسية يتم بواسطتها بناءً الهياكل الاقتصادية الثابتة لهذه الدول، على نحو يجعل من هذه العقود عاملًا حيويًا ورئيسيًا في تحقيق الخطة الاقتصادية والخروج بهذه الدول إلى العالم المتقدم. ودراسة موضوع العقود التي تبرم بين الدولة والأشخاص الأجنبية الخاصة أصبح غير قاصرًا فقط على القانون الدولي الخاص، بل حظي باهتمام الكثير من المختصين في القانون العام على نحو غير مسبوق في أي موضوع آخر، نظرًا لما يعكسه هذا الموضوع من أهمية وما يثيره من مشاكل قانونية نابعة من التفاوت في المراكز القانونية لأطرافها، وهو الأمر الذي أدى إلى تعدد التعريفات والآراء لهذه العقود من أجل تحديد ماهيتها، ففكرة هذه العقود هي أقرب ما تكون إلى كونها فكرة وصفية تنطبق على مجموعة من العقود التي تتوافر فيها خصائص معينة. |