الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقد كان التعليم ومازال مجالًا هامًا من مجالات الصراع الاجتماعي والسياسي في المجتمع، بين توجهات تريد التعليم للقلة – النخبة – وتوجهات فكرية وسياسية وأيديولوجية تكرس كل جهودها نحو توسيع نطاق التعليم وتعميمه ونشره علي أوسع نطاق بين جميع فئات وطبقات المجتمع الإنساني ، وقد شهد النصف الأول من القرن العشرين تلك التوجهات إبان فترة الاحتلال الأجنبي لمصر والبلدان العربية، وظهرت المدارس الفكرية والسياسية والأيديولوجية والتربوية التي عمقت تلك التوجهات وأفرزت المساندة لكل توجه ومسعاها وآليات عملها في تكريسها لمفهومها وسعيها ومع منتصف الخمسينات وتحديداً مع ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 م والذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع إقرار العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، والذين أُقرا من قبل الدول الموقعة عليها ومن بينهم مصر، حدث اهتمام وتعاظم غير مسبوق بقضية التعليم. واللافت للنظر أنه منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقضية التعليم تحظي باهتمام بالغ علي المستوي الدولي، حيث نص إعلان الجمعية العامة الصادر في ديسمبر 1956 علي تعليم الشباب مُثل السلم والإنسانية والحرية والاحترام المتبادل بين الشعوب، كما جاء في التوصية الدولية لليونسكو عام 1974 علي الدول الأعضاء أن تتخذ الخطوات الكفيلة بجعل كل من مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية بشأن جميع أشكال التمييز العنصري عنصرًا جوهريًا في تكوين شخصية كل طفل ومراهق وشاب وراشد، وذلك بتطبيق هذه المبادئ عند ممارسة عملية التعليم علي كافة مستوياته وبجميع أشكاله ( ) ومن هنا تتضح أهمية قضية التعليم وإمكانية تربية النشء بمراحل التعليم المختلفة والتي تُعد بلا شك قضية جوهرية وهامة، شغلت الفكر التربوي والسياسي خلال الربع الأخير من القرن العشرين من خلال المؤتمرات والندوات والحوارات والدراسات وكافة الفعاليات، التي جعلت ذلك الفضاء ملئ بتلك الأطروحات، ومن ثم جعل قضية التعليم تتصدر الأولوية علي أجندة العمل التربوي والسياسي في مصر. ومع تصاعد الأحداث حول العالم وتعدد وسائل الاتصال والتكنولوجيا والاعتماد عليها في العملية التعليمية والتربوية، بات لزامًا علي كل الدول الراغبة في اللحاق بركب التقدم والرقي في كافة المجالات ومنها التعليمية الدخول ضمن هذه المنظومة، وإتباع العديد من الوسائل والأساليب التي من شأنها تسهيل عملية نقل المعلومات والمعارف بين الأجيال. ومن المعلوم أن المؤسسات التعليمية لم تَعُد مكانًا فقط لتلقي العلم أو نقل المعرفة من لجيل لآخر دون النظر لإحتياجات الطالب الاجتماعية والوجدانية والنفسية والعقلية والجسمية، فمهام المؤسسات التعليمية التربوية تطورت حديثًا لتشمل تحقيق تلك الجوانب الهامة للمُتعلم، ولا يمكن أن نفرق بين التربية والتعليم وبين تقديم خدمات التربية الاجتماعية للطلاب، فلا تقتصر حياة الطالب داخل البيئة التعليمية على عمليتي التعليم والتعلم التي تحدث داخل الفصول لتحقيق الأهداف التعليمية، وإنما تتزايد لتصل لجوانب أخرى لها من الأهمية قسط كبير، وكل ذلك بهدف بناء شخصية سوية متكاملة الأبعاد في جوانبها الاجتماعية والنفسية والجسمية والعقلية والثقافية والدينية والتربوية. |